الكاتب ابو عمر ابراهيم الجفال يكتب السرقات الأدبية ذمّها وأذلالها العراق 🇮🇶

 

السرقات الأدبية  ذمّها وأذلالها




بقلم 

 الكاتب ابو عمر ابراهيم الجفال 🇮🇶


المقدّمة


السرقة الأدبية — أو الانتحال  

 هي أخذُ نصٍّ أو فكرةٍ مملوكةٍ لآخر، ونسبها إلى الذات، دون إحسانٍ في النقل أو تصريحٍ لمن يستحقّ النسبة. هذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها في عصر المعلومات والميديا الرقمية أخذت أشكالًا واسعة وأخطارًا عميقةً على الأصالةِ والكرامة الادبية والعلمية ..


أولًا : 

       مفهوم السرقات الأدبية وأشكالها


مفهومها : أخذُ شيء ليس من المرءِ — لفظًا أو معنىً أو فكرةً أو تركيبة فكرية — ونسبته إليه دون مَنَّةٍ أو تصريحٍ. 


أشكالها :


1. سرقة اللفظ : نقل الكلام الحرفي للنص الأصلي دون تغيير واضح.


2. سرقة المعنى أو الفكرة: استخلاص الفكرة من العمل الأصلي، ثم إعادة صياغتها أو استخدامها دون نسب.


3. سرقة مزيجة: دمج بين نقل لفظ ومعنى، أو أخذ من أكثر من مصدر وخلطها دون التوضيح.


4. السرقة العرضية: قد يكون هناك اقتباس أو اقتداء ولكن دون تصريح أو إشارة صحيحة للمصدر. 


ثانيًا : 

         الذمّ الأدبي للسرقات


السرقات الأدبية تُذمّ بشدّةٍ لأنها:


1. تهاونٌ بالأمانة: أحد الأعمدة الأساسية في بناء الثقة بين الكاتبِ والقارئ، وبين الباحث ومجتمعه، هي الأمانة. من يسرق فكراً أو نصًا يُخون هذه الثقة.


2. فقدان الأصالة والإبداع: السرقة تمحو تفرُّد المؤلف، وتُخسِر الأدب روحه، فالأدب إنما يُقاس بالإبداع والتميز، لا بالاقتباس المموَّهِ.


3. إذلال الكاتب الحقيقي: حين يُنسب عمله أو اجتهاده لشخص آخر، تتضرَّر سمعته، وقد يُمسَّ حقه في الحياة الأدبية أو المنح الأكاديمية أو المالية. يُذلّ مكانه، ويُهمَل فِعله.


4. تقويض المسارات الأكاديمية والثقافية: في الأبحاث العلمية، السرقة تُفسد البحث، وتخلّف أخطاء تصير أساسًا لمستقبل البحث العلمي، وقد تُعرّض المؤسسات لعدم المصداقية.


5. عقاب نفسي وأخلاقي على السارق: الإحساس بالخوف من الفضيحة، الانكشاف، اللوم، وربما المقاضاة، كل ذلك يُشكّل ضغطًا كبيرًا على من ارتكب السرقة.


ثالثًا  : 

         الإذلال القانوني والثقافي


قانونيًا: في الكثير من البلدان توجد قوانين لحماية الملكية الفكرية، وهناك أحكام قضائية تدين السارق وتُلزِمه بالتعويض أو المنع من الاستمرار في نشر العمل المنتحل. 


ثقافيًا: المكتبات، والمجلات، والجمهورُ يرون أن اسم الكاتب المنسوب إليه سرقةَ يُلحق به عارًا أدبيًا لا يُمحى بسهولة، وربما لا يُعترف له بعد ذلك بنفس الاحترام. وقد يُمنع من الجوائز، أو تفقد أعماله مصداقيتها.


رابعًا   : 

           أمثلة واقعية


في العصر الحديث، طالت الاتهامات سرقاتٍ بين أدباء مشهورين، نسخ النصوص أو اقتباسات دون نسب. 


سرقات الأبحاث الأكاديمية: طلاب ماجستير ودكتوراه وتنفيذ البحوث دون الإشارة للمصدر، أو بيع البحوث الجاهزة، أو الانتحال والعناوين والمضامين. 


في الأدب العربي، امتنعت بعض المؤسسات عن التعامل أو نشرت اعتذارات بعد اكتشاف السرقات، أو تطالب بتعويضاتٍ قانونية. 


خامسًا  : 

          لماذا يفعل بعضهم السرقات؟ دوافعها


الرغبة في الشهرة السريعة أو تحقيق مكاسب مادية بأقلّ جهد.


الجهل بأخلاقيات البحث والنشر، أو ضعف التوعية بحقوق الملكية الفكرية.


ضغط المجتمعات الأكاديمية نحو النشر، مما يدفع البعض إلى طرق مختصرة.


ربما الشعور بالدونية مقارنة بالكبار، أو الخوف من الفشل، فيلجأ إلى الاقتباس دون نسب.


في بعض الحالات، التداخل الثقافي والتشابك المعرفي يُربك الحدود بين الإلهام والسرقة، خصوصًا إن لم يكن هناك ضبط أو وعي أدبي.


سادسًا  :

             كيف نحارب السرقات الأدبية ونذلّها؟


1. التوعية من الصغر: تعليم الأمانة والصدق الأدبي منذ المراحل المدرسية، وضمان أن الطلّاب يفهمون معنى الاقتباس والنسب.


2. القوانين الصارمة: سنّ وصيانة قوانين الملكية الفكرية، وتطبيقها على المخالفين، حتى لا يفلت المعتدي من العقاب.


3. استخدام التكنولوجيا: أدوات فحص الانتحال (الاستعانة بالبحث في كوكل  وأمثالها) لمراجعة الأبحاث والمقالات قبل الموفقة على النشر. 


4. الشفافية في النشر: يجب أن يُصرَّح بالمصدر عند الاقتباس، حتى إن كان الاقتباس ضئيلًا، ويُراعى حقوق أصحاب الفكر والنص.


5. تشجيع الإبداع الأصلي: منح المساحات للكُتاب الجدد، دعم البحوث الأصلية، وتقدير الأعمال التي تبتكر لا التي تُعيد تدوير ما هو موجود .


الاستنتاج : 


السرقات الأدبية ليست مجرد خطأ أخلاقي، بل هي إساءة للمبدع الذي بذل جهده، وإهانة للأدب والعلم، وتدنٍّ لكرامة الأمانة الفكرية. من يقترفها يُذل أولًا في ضميره، ثم أمام مجتمعه، ثم أمام التاريخ الذي لا يشفع إلا للأعمال الأصيلة.

ولذلك، الذمّ الأدبي لها واجب، والإذلال الأدبي لها ثمن، ولكن النظام الأخلاقي والقانوني والثقافي حينما يتضافر، يمكن أن يُقَلّل من هذه الآفة ويُرَدّ للحقّ حقّه.


الخاتمة : 


"وفي ضوء ما نلمسه من آثار السرقات الأدبية في الممارسة الثقافية والإعلامية، يتضح أنّ الحفاظ على الأمانة الفكرية مسؤولية جماعية، وألا يقتصر واجبها على القانون وحده. إن الاطلاع المستمر على ما يُنشر ويُقرأ، وما يُناقش في الوسط الأدبي والثقافي، يجعلنا أكثر وعيًا بخطورة الانتحال وأهميته في إذلال المبدع، ويعزّز موقفنا الأدبي في الدفاع عن الكلمة الصادقة والحقوق الفكرية، فنظل متمسكين بالصدق والابتكار، ورافضين كل شكل من أشكال التزييف أو السرقة."


"وممّا نقرؤه ونسمعه ونعيشه في الوسط الثقافي والأكاديمي، نجد أنّ هناك العديد من المقالات والدراسات والمواد الإعلامية التي تتفق مع آرائي ومقاربي في موضوع السرقات الأدبية، فتؤكد أهمية الأمانة الفكرية وحق المؤلف في ملكية إنتاجه الإبداعي. هذه الاطلاعات العامة تعزّز قناعاتنا بأن حماية النصوص والأفكار من السرقة ليست مجرد مطلب قانوني، بل ضرورة أخلاقية وحضارية ترتقي بالثقافة والمجتمع."


بقلم  الكاتب والشاعر 

 ابـو عـمــر ابـراهـيـم الـجـفــال 

 Safir Almashaeir  

إرسال تعليق

0 تعليقات