الاستسلام في زمن الانهاك والتشكيك معضلة أم استراتيجية

 

الاستسلام في زمن الانهاك والتشكيك معضلة أم استراتيجية 



بلال سمير مدير مكتب السعودية 🇸🇦


جاء في بحث أجراه مركز الآفاق للدراسات الاستراتيجية 

أن في سياق الحرب الممتدة على غزة، تتكاثر الأصوات وتُروّج بعض النخب الخطابية لفكرة "الاستسلام المشروط أو "التهدئة الاستراتيجية" بوصفها مخارج إنسانية، أو ضرورة واقعية، أو خيارًا يحقق الحد الأدنى من البقاء. غير أن طرحًا كهذا، مهما اكتسى بثياب الواقعية، يُخفي في جوهره انهيارًا في فهم الوظيفة الاستراتيجية للمقاومة، وتحولًا خطيرًا في معايير النصر والهزيمة.


إن المقاومة في غزة ليست جيشًا نظاميًا يدافع عن دولة قائمة، بل هي حالة تحرر وطني مقاومة لمشروع إحلالي استيطاني. وعليه، فإن أي حديث عن استسلام أو تسليم سلاح أو قبول بالإملاءات  لا يُعد  خيارًا تكتيكيًا بل انتحارًا استراتيجيًا يتجاوز غزة ليصيب فكرة المقاومة في عمقها، ويفتح المجال أمام تسويات ما بعد الهزيمة.


 في هذا الإطار يتم التأكيد على ثلاث حقائق مركزية:


الاستسلام ليس نهاية معركة، بل نهاية معنى  

المشروع الصهيوني لم يتوقف يومًا عند غزة، بل هو مشروع نفي وجود، واستئصال هوية، واستثمار في الانقسام العربي. والمقاومة، بما تمثله من وعي وقدرة، لا يمكن اختزالها في بندقية محاصَرة.


 الانهاك لا يُبرر التنازل، بل يستوجب إعادة التموضع  

نعم، تُرهق الحرب وتستنزف، لكن الاستنزاف ليس حجة للهزيمة، بل مناسبة لإعادة تقييم الأدوات، وتطوير مداخل الدعم، وتوسيع دائرة الفعل السياسي والعسكري والاجتماعي للمقاومة.


 الوظيفة التاريخية للمقاومة ليست في تحقيق نصر فوري، بل في منع الهزيمة الكلية  

وجود المقاومة هو الضمانة الأخيرة لبقاء الوعي التحرري حيًّا. وما ينجزه الصمود، حتى في أحلك الظروف، يفوق في آثاره مئات البيانات السياسية.


 إن الحديث عن استسلام المقاومة في غزة ليس سؤالًا حول نهاية معركة بل هو اختبار لمشروع الأمة بأسره، ومدى استعداده لتحمل تبعات الحلم، أو الانزلاق نحو منطق إدارة الهزيمة

إرسال تعليق

0 تعليقات